![]() |
New Scientist نقلاً عن |
فجأة ، يصبح مدركاً، وسط الحلم، أنه يحلم. ويتجول في عالمه الخيالي بكامل وعيه، وكأنه في يقظة تامة. هذه الحالة العجيبة تُعرف باسم "الحلم الجلي" Lucid Dream وقد أثارت فضول العلماء طويلاً، بوصفها نافذة غامضة لفهم آليات الوعي.
واليوم، أظهرت دراسة جديدة يقودها الباحث "تشاتاي ديميريل" من مركز "دوندرز للتصوير العصبي المعرفي" Donders Centre for Cognitive Neuroimaging في هولندا أن الحلم الجلي ليس مجرد وهم أو ظاهرة سطحية، بل هو حالة وعي حقيقية ومستقلة داخل النوم نفسه، تمتلك بصمتها الخاصة في نشاط الدماغ.
تجربة علمية غير مسبوقة
اعتمدت الدراسة على أكبر قاعدة بيانات لتخطيط الدماغ EEG الخاصة بالأحلام الجلية، شملت 44 حلماً جلياً من 26 شخصاً متمرساً. ولضمان دقة النتائج، تم تطوير نظام متعدد المراحل لتنظيف البيانات من تشويش الحركات العينية والعضلية، وهي من أبرز التحديات في هذا المجال.
قام الباحثون بمقارنة أربع حالات دماغية: الحلم الجلي في نوم حركة العين السريعة (REM) ، الحلم العادي خلال نفس المرحلة ، نوم REM المبكر والمتأخر وحالة الاستيقاظ الهادئ.
ما الذي يحدث داخل الدماغ أثناء الحلم الجلي ؟
رغم أن الفرق في الموجات الدماغية لم يكن واضحاً على السطح، فإن التحليل العميق كشف تغيرات مميزة:
- انخفاض نشاط موجات بيتا (12–30 هرتز) في منطقة التقاء الفص الصدغي والجداري اليمنى، وهي منطقة مسؤولة عن الإحساس بالذات والإدراك المكاني.
- ارتفاع موجات جاما (30–36 هرتز) في الفص الصدغي الأيسر، ما قد يشير إلى وجود "حوار داخلي" أو لحظة إدراك تحدث داخل الحلم.
- زيادة في الاتصال الوظيفي بين مناطق الدماغ ضمن نطاق موجات ألفا (8–12 هرتز)، وهو نمط يرتبط عادة بالوعي والاتزان العقلي، بخلاف الحالات المهلوسة التي يظهر فيها هذا الاتصال ضعيفاً.
بين الحلم واليقظة: حالة وعي ثالثة
أظهرت الدراسة أن الحلم الجلي أكثر تعقيداً من الحلم العادي، لكنه لا يصل إلى مستوى الوعي الكامل أثناء اليقظة. وذلك باستخدام مقياس يُعرف بـ "بُعد هيغوتشي الكسري"، وهو معيار يقيس تعقيد الإشارات الدماغية.
بمعنى آخر، الحلم الجلي يقع في منزلة وسطى: ليس حلماً عادياً، وليس يقظة تامة، بل حالة وعي "هجينة" تجمع بين الانغماس في الخيال والإدراك الذاتي.
آفاق عملية وتطبيقات مستقبلية
لا تقتصر أهمية هذه النتائج على الجانب النظري فقط، فالحلم الجلي يمكن تدريبه وتطويره، ويُعتقد أنه مفيد في معالجة الكوابيس المزمنة والتعامل مع الصدمات النفسية وتنمية الإبداع والخيال الخصب.
كما أن فهم هذه الحالة قد يساعد في دراسة حالات وعي أخرى مثل: التأمل العميق ، التخدير الطبي ، تجارب العقاقير المهلوسة.
وقد تمهد هذه الأبحاث الطريق نحو تقنيات التحكم بالأحلام عبر واجهات دماغ-حاسوب أو التغذية الراجعة العصبية Neurofeedback.
إقرأ أيضاً ...
- هل الأحلام الجلية وراء حالات الإختطاف من قبل المخلوقات الخارجية ؟
- إكتشاف مناطق "ما وراء الوعي" في الدماغ
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .