21 مايو 2025

ستونهنج: نظرية جديدة ترجح أنه كان رمزاً سياسي

StarsInsider  نقلاً عن 

لطالما جذب نصب ستونهنج في إنجلترا أنظار العالم، باعتباره أحد أكثر المعالم غموضاً في التاريخ البشري القديم. ورغم مرور آلاف السنين على تشييده، لا تزال الاكتشافات الحديثة تكشف أسراراً جديدة عن الغرض من بنائه، ومغزاه الحضاري. 

النظرية الجديدة، التي طُرحت في أواخر عام 2024، تشير إلى أن ستونهنج ربما لم يكن فقط مكاناً للطقوس أو التقاويم الفلكية، بل رمزاً سياسياً عميقاً لوحدة المجتمعات الزراعية الأولى في بريطانيا.



ما هو ستونهنج ؟
يقع ستونهنج في منطقة ويلتشير جنوب إنجلترا، ويُعد من أقدم وأهم المعالم الحجرية التي تعود إلى العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي المبكر. يتكون من دوائر حجرية ضخمة، يصل وزن بعضها إلى أكثر من 40 طناً. 

ومن المعروف أن "الحجارة الزرقاء" المستخدمة في بنائه جُلبت من ويلز، ما يدل على معرفة متقدمة بفنون الهندسة والنقل في ذلك الزمن.

رغم الجدل المستمر حول كيفية بناء هذا المعلم، يتفق العلماء على أن إنشاءه تطلب تخطيطاً معقداً وعملاً جماعياً كبيراً لم يسبق له مثيل في المنطقة، خصوصاً أن بعض الحجارة نُقلت من مناطق بعيدة جداً.

الاستخدامات الفلكية والروحية
لفترة طويلة، اعتُبر ستونهنج موقعاً فلكياً ودينياً. ففي الانقلاب الصيفي، تشرق الشمس مباشرة فوق "حجر الكعب"، بينما تغرب في الشتاء في محاذاة دقيقة مع الحجارة الأخرى، ما يشير إلى استخدامه كأداة لتتبع الدورات الشمسية والقمرية.

كما عُثر على رفات بشرية بالقرب من الموقع، مما يعزز الفرضية بأنه كان يُستخدم كموقع للدفن، أو لإقامة الطقوس الجنائزية والشعائر الدينية.

التحول في الفهم: ستونهنج كرمز سياسي ؟
في ديسمبر 2024، قدم البروفيسور مايك باركر بيرسون من جامعة كلية لندن طرحاً جديداً حول البعد السياسي للمعلم. ركّز على ما يُعرف بـ "حجر المذبح"، وهو حجر مسطح لا يلقى عادة اهتماماً كبيراً.  كان يُعتقد سابقاً أنه سقط من وضعه القائم، لكن بيرسون يرى أن وضعه الأفقي كان مقصوداً، مستشهداً بتصاميم مماثلة في شمال شرق اسكتلندا، يعتقد علماء الآثار أنه جرى وضعه حوالي 2500 قبل الميلاد. 

الأكثر إثارة أن هذا الحجر قد يكون نُقل من نصب قديم في اسكتلندا، ما جعله رمزاً لتحالف سياسي بين المجتمعات الزراعية المنتشرة عبر الجزر البريطانية آنذاك. ويصف بيرسون ستونهنج بأنه "مجسّد مادي ومصغر يمثل وحدة بريطانيا بأكملها".

ويشير إلى أن تلك المرحلة الثانية من بناء ستونهنج ،  تحديداً إضافة حجر المذبح  تزامنت مع تغيرات ثقافية جذرية بسبب موجات هجرة من أوروبا، ويُعتقد أنها كانت محاولة لتأكيد الوحدة في مواجهة تلك التحولات.


الهوية والاندماج في العصر القديم

تشير الأبحاث الجينية الحديثة إلى أن "شعب البيكر" ، القادمين الجدد ، أصبحوا يشكلون السكان المهيمنين في بريطانيا، محل الشعوب النيوليتية السابقة. ويعتقد بيرسون أن بناء ستونهنج جاء في إطار السعي لتوحيد تلك الجماعات المختلفة، وإن كانت هذه المحاولة لم تنجح في نهاية المطاف.



ستونهنج لا يزال يُدهشنا
رغم أن هذه النظرية لا تنفي الأبعاد الدينية أو الفلكية للنصب، فإنها تسلط الضوء على إمكانية وجود مغزى سياسي أعمق لطالما غفل عنه الباحثون. ستونهنج لم يكن مجرد تقويم شمسي أو مركز شعائري فحسب، بل ربما كان تجسيداً لحلم بالوحدة في زمن التحولات الكبرى.

هذه الفرضية الجديدة تفتح الباب أمام إعادة التفكير في دلالات النصب القديمة، وكيف يمكن للمعالم الأثرية أن تعكس صراعات وتطلعات الإنسان القديم، تماماً كما تفعل الرموز السياسية في زمننا هذا.

ستونهنج هو أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو. تم الاعتراف به رسمياً عام 1986، ويجذب ملايين الزوار سنوياً من محبي التاريخ والسياحة والباحثين الأثريين، الذين لا يزال يثير فضولهم ويلهمهم.


إقرأ أيضاً ...

- صروح غامضة  : ستونهنغ

- أسطورة حجر بلارني السحري

- منحوتات كروية غامضة في بريطانيا

أحجار كاراهنج

- أحجار كارناك

- أحجار سانلورفا في كوبيك تيبي

- هل سيبقى نصب جورحيا لغز مستمراً مع هدمه ؟

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .